حياة بني نوح 2
بعد أن وضحنا الكيفية التي يجب أن يبدأ بها الفرد من بني نوح يومه، نستمر في جرد لائحة الأدعية الواجبة عليه. أذكركم بأن هذه السلسلة من المقالات تتبع توجيهات الراب يوائل شوارتز مسؤول محكمة العدل الخاصة بابني نوح بالقدس
روح طاهرة
يملك البشر روحا. هذه الروح هي مصدر الطموحات الروحية لديه و ما يميزه عن عالم الحيوان. ولكونه قد نسي ذلك يتبنى الإنسان الحديث سلوكا يشبه في الغالب سلوك بهيمة
تشبه الروح تلك العلبة التي نضعها في سيارتنا كي تنبعث منها رائحة طيبة. إن روحنا هي، في الحقيقة، ما يسمح لنا بجلب قليل من الهواء الرطب والنقي إلى أجسامنا. في غيابها، تكون شهوات الجسم والفتن من كل الأنواع هي ما يأخذ بزمامنا
لا نملك روحا فحسب، لكن هذه الأخيرة هي من الطهر الكامل بمكان. في كل ليلة أثناء نومنا، تأخذ الروح طريقها في الدوائر السماوية. في ذلك المكان، تشحن بكمية جديدة من النقاء الإلهي. إنه بدون شك، المسار اليومي الذي يسمح لها بأن تبقى طاهرة، رغم المحن الكثيرة التي نعرضها لها كل يوم
هذه الخصلة الممنوحة من السماء تستحق دعاء الحمد. كيف كان سيكون حالنا بدون أرواحنا؟ حيونات حقيقية تطاردها غرائزها، اندفاعاتها وطبيعتها المنفلتة من القيود. هكذا، بعد أن نرتدي ملابسنا، يجب أن نتلو الدعاء التالي
"ربي، إن الروح التي أودعتني طاهرة. خلقتها، سويتها ونفختها في وحفظتها. ستأخذها يوما لا ريب فيه كي تعيدها إلي يوم القيامة. أحمدك أيها الحي الذي لا يموت، "خالق كل شيء، ربي ورب كل روح، أحمدك ما دامت الروح بين جنبي
هذا الدعاء يسبق لائحة من 13 دعاء نحمد به الخالق على نعمه الكثيرة التي أنعمها علينا. نأتي بالدعائين الأولين منها
" بوركت أيها الحي الذي لا يموت، من يحي الموتى"
إن البعث جزء لا يتجزأ من الإيمان. في الحياة الآخرة، سيبعث الموتى و ستحل أرواحهم بمكانها الطبيعي : أجسادهم. مع ذلك، فإن البعث لن يكون كسبا للجميع. فالذين اتبعوا سبيل رضوان الله سيكونون من أولئك الذين سيبعثون. أما غيرهم، فلا أحد يرغب مقاسمتهم مصيرهم
"تباركت أيها الحي الذي لا يموت، رب العالمين، من هدى القلوب إلى التمييز بين الليل والنهار
بهذا الدعاء، نحمد هاشم على أن وهبنا أصلا من الطبيعة البشرية، أصلا قويا لا يعوض : الإرادة الحرة. لأننا نملك إمكان ألا نقوم بذلك ، لذا نستطيع أن نأمل الجزاء بعد القيام بفعل الخير
من المهم أن نسجل العلاقة المشار إليها في هذا الدعاء بين العقل والقلب. ففي الغالب ما نرى بأن العقل يرتبط بدماغنا فقط. بالرغم من أن ذلك ليس دقيقا في كليته، فهذا النوع من العقل ليس هو ما تنتظره منا السماء. إن الحكمة التي لا ترتبط بالقلب حكمة جافة، وقد تكون سببا في الفظائع الكبرى
من جهة أخرى، فالعقل الموصول بالقلب هو ضمانة الحكمة الحقيقية : تلك التي تتيح لنا طاعة الله والاقتراب منه. هذه الحكمة وحدها هي التي تستحق اسمها؛ أما غيرها فليست سوى حجبا تبعدنا عن أصولنا المقدسة
يتبع دفيد يتسحق تروتمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق