مطبخ وصلاة
لنتكلم قليلا عن المطبخ.
طبقا للشرع اليهودي، إذا ارتكبنا خطأ بوضع اللحم في قدر نستعمله عادة لإنضاج الحليب و مشتقاته، فالأمر ليس جد خطير. تكفي إزالة اللحم من القدر و غسلها جيدا.
إذا كنا أثناء ذلك قد قمنا بتسخين القدر- لطبخ اللحم - على سبيل المثال- فالأمر مختلف. أثناء التسخين تكون القدر قد متصت نكهة اللحم لتصير مشربة بخليط من نكهة اللحم ومن نكهة الحليب ما يجعلها محرمة، وغير قابلة للاستعمال. ليس فحسب أن النار جعلت نكهة اللحم تتسرب إلى جدران القدر، لكن كل استعمال قادم سيجعل هذه النكهة تعاود الخروج من جدران القدر، كلما قمنا بتسخينها من جديد. بربط لذة المائدة بلذة الصلاة يمكننا تعلم درس مهم لتحسين طريقتنا في التوجه إلى رب العالمين.
مثال القدر يعلمنا أنه في غياب الحرارة لاشيء يتسرب، لاشيء يمكن امتصاصه. أيضا، عندما تتسرب نكهة مادة ما إلى داخل جدران القدر، فلن تتمكن من معاودة الخروج إن لم نقم بتسخينها من جديد.
عندما نصلي، نطلب من الله أن يجري المعجزات من أجلنا. إن رغبتنا في تلقي البركات الإلهية غالبا ما تكون متناسبة مع رغبتنا في التقرب من الله. مثال القدر تعلمنا أنه في غياب الحرارة – إن كان قلبنا لا يتحرق شوقا – لن نستطيع امتصاص/تلقي شيء من رب العالمين. لكي ينشأ العقد، ينبغي أن يسخن قلبنا، ينبغي لصلاتنا أن تكون حقيقية لا مجرد كلمات ننطق بها دون أن نفكر فيها.
بتسخين قلبنا نصير قادرين على امتصاص النعم الإلهية التي مافتئنا نطلبها. وبقدر ما نصير "دافئين"، تستقر هذه النعمة عميقا في نفوسنا. باشتعالنا نستطيع أن نجعل من هذه النعمة جوهرنا الخاص.
من جهة أخرى، فحينما نود أن نبدي لله رضانا ونمنحه أفضل ما نملك، جوهرنا، تلزمنا أيضا الحرارة كي يطفو رضانا على السطح، كي يخرج.
حين نقول لله بأننا مستعدين لأي شيء كي يستجيب لدعواتنا، يلزم ألا يخبو دفئ قلبنا – مرة أخرى - كي لا تبقى إرادتنا تلفظا فارغا. في غياب الحرارة، تبقى " أنانا" مدفونة فينا، طريقة أخرى للقول بأننا لسنا مستعدين لتسليم السلاح و إعطاءه تبارك وتعالى الحق في الوصاية على شخصنا.
حين سنكلم الخالق في المرة القادمة ، يجمل بنا تذكر درس القدر وأن ندفئ قلبنا. لا يوجد شيء يقارن بصلاة تنبعث من أعماق القلب. نهب نارا حقيقية مقدسة للخالق.
دفيد يتسحق تروتمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق