حب كامل
الحب الكامل، الشامل. الحب الذي لا يبقي شيئا، حب بلا أفكار مسبقة. إنه لشيء جميل أن يبدي المرء أنه يحب، لأن الذي/التي يحب رائع، استثنائي، لا يوصف. أي حب هذا
الحب الذي نخص به الله ينبغي أن يماثل هذا الوصف المثالي، الكامل. ماذا بعد ذلك؟
يحدث أحيانا أن نصلي لأننا مجبرين على ذلك. لا نتمكن كل يوم من أن " نتحرق" شوقا إلى تدارس كلام الله. فقد ننجز ما يتطلبه منا الواجب المفروض على من يؤمن بالله، دون أن نحشر دوما القلب اللازم لذلك. ألا يلزم أن يكون هذا الفرق بين المثال وواقع حياتنا سببا للقلق وللإجهاد؟.
لنضرب مثال أبينا أبراهيم. يخبرنا التلمود أن ابراهيم لم يكن يبدل جهدا ليعلم معاصريه وجود الله. هكذا، لما دعا المسافرين الى أن يطعموا في بيته، ولما أبدى هؤلاء رغبتهم في شكره قبل أن ينصرفوا، رد شكرهم قائلا بأن الطعام الذي طعموه كان في الحقيقة طعام رب العالمين. أي تبشير هذا.
يلقي "المدراش" ضوءا غنيا بالتعليم عن الطريقة التي تمت بها الأمور تحت خيمة ابراهيم. فقد كان الضيوف متحمسين إلى حد ما لفكرة شكر الله. هذا الموقف لم يثن الأب ابراهيم عن استعمال حجة مناسبة: مصلحة المسافرين المالية لقبول وجود الله.
يخبرنا " المدراش" أنه في حضور ضيوف معادين لمفهوم الألوهية، يقدم لهم ابراهيم كشف حساب الوجبة التي تناولوها. كان السعر عالي جدا: مطعم وسط الصحراء، ليس بالمجان أمام فاتورة بمبلغ مرتفع جدا، غير أغلب المسافرين سلوكهم على الفور وشكروا الله بإسراف.
من المؤكد أن باعث المسافرين لم يكن نبيلا، لكن ابراهيم رأى بلا شك أن شكرهم على علاته سيؤدي بهم – يوما ما- إلى تقدير وجود الله حق قدره.
هكذا سلوكنا نحن ايضا. رغم أننا لا نبدي دوما تهمما زائدا تجاه الخالق، ينبغي أن نقبل هذا الوضع. القبول لا يعني الرضا بهكذا حال. ينبغي أن نصلي – بما أمكن من علو همة ممكن- كي تأخذ شعلة الحماس مكانها في قلوبنا ويتجدد فينا حب الإله.
لنحذر الميل السيء الذي يود أن نتحول إلى كائنات بئيسة وغير راضين على أنفسنا. لنقبل بنقائصنا ولنغتنمها أسبابا لصلواتنا. سيكون لهذا فضل إطفاء جذوة الشيطان تجاهنا.
دفيد يتسحق تروتمان
http://www.davidtrauttman.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق